logo Ministry of Foreign Affairs
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
البعثة الدائمة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف والمنظمات الدولية الأخرى في سويسرا

ترشح الجزائر لمجلس الأمن الدولى 2024-2025

 

إن الدبلوماسية الجزائرية، المتجذرة بعمق في تاريخ الجزائر، أكدت نفسها إبان ثورتنا المجيدة ولم تتوان أبدًا عن الإسهام بشكل فعال في تعزيز السلم والأمن الدوليين.

 

لقد كان انتصار الثورة الجزائرية نتيجة للإرادة القوية للشعب المتمسك بقيم الحرية والتحرر في نضاله من أجل الاستقلال، وشكلت دبلوماسيته امتدادا له على الساحة الدولية.

 

فمنذ انضمامها إلى الأمم المتحدة، لم تدخر الجزائر جهدا في المساهمة الفعالة، وبالتنسيق مع كافة الدول الأعضاء، في تعزيز وتكريس المبادئ المقدسة لميثاق الأمم المتحدة وتحقيق الأهداف النبيلة التي أسست المنظمة من أجلها. هكذا صاغت الجزائر التزامها بقيم العمل المتعدد الأطراف ووضعت احترام قواعد ومبادئ القانون الدولي في صميم رؤيتها، كما عملت الجزائر، دوما، على تعزيز التعاون وعلاقات الصداقة بين الدول، على مختلف المستويات الإقليمية والقارية والدولية ، وكذا تعزيز مبدأ التسوية السلمية للنزاعات.

 

I.  مبادئنا  

 

إن احترام المبادئ والمثل العليا التي تحتل المكانة الأبرز في عقيدة السياسة الخارجية الجزائرية، مكّنها من المساهمة في الجهود الدولية الهادفة إلى حل العديد من الأزمات الإقليمية والدولية عبر السبل السلمية و خصوصا من خلال الحوار والوساطة، على غرار حل  أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران عام 1981 ، وتسوية الصراع بين إثيوبيا وإريتريا عام 2000 ، ومؤخراً الوساطة الجزائرية التي أدت إلى توقيع اتفاق السلام والمصالحة في مالي عام 2015 ، الناتج عن مسار الجزائر، والذي لا تزال الجزائر تترأس لجنة المراقبة والتنفيذ الخاصة به. ووفاءً لعقيدتها، تواصل الجزائر أيضاً جهود الوساطة في ليبيا بهدف إنهاء الأزمة المتعددة الأبعاد في هذا البلد.

 

كما أن الجزائر ملتزمة بلعب دور استباقي في جوارها المباشر بغية محاربة التهديدات الخارجية غير المتجانسة وتقديم الدعم والتضامن للشعوب والبلدان المجاورة. وقد تجلت روح التضامن هذه في العديد من المبادرات الإقليمية والقارية الهادفة إلى الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة.

 

بصفتها عضوا مؤسسا في الاتحاد الأفريقي واتحاد المغرب العربي، وعضوا في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، تواصل الجزائر لعب دور رائد في تعزيز الوحدة والتضامن بين الأمم، كما تسعى جاهدة للعب دور فعال داخل المجموعات الإقليمية ومجموعات التضامن التي تنتمي إليها كحركة عدم الانحياز ومجموعة الـ 77 والصين، ونفس الشأن فيما يخص حوض البحر الأبيض المتوسط ​​لترسيخ وتعزيز قيم السلام والتعاون والتنمية.

 

وإدراكًا منها للتحديات العالمية والمتعددة الأبعاد التي تهدد السلم والأمن في العالم ولا سيما في مناطق انتمائها الجغرافي في كل من البحر الأبيض المتوسط ​​والشرق الأوسط والساحل والقارة الأفريقية، تظل الجزائر ملتزمة تمام الالتزام، استنادا إلى خبرتها الدبلوماسية، بالمشاركة في الجهود المتعددة الأطراف في هذا المجال.

 

ومن هذا المنظور، قدمت الجزائر ترشيحها، للمرة الرابعة في تاريخها، لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، للفترة 2024-2025. يتسم هذا الترشيح، الذي يأتي في سياق جيوسياسي معقد و غامض، بتحديات كبيرة تهدد السلم والأمن الدوليين ، الشيء الذي من شأنه أن يسمح للجزائر بالمشاركة في الجهود الدولية والمتعددة الأطراف لمكافحة التهديدات الجديدة واستعادة السلم والاستقرار في مناطق الصراع.

 

 

II.  الجزائر في مجلس الأمن الدولي (2024 - 2025)

 

للمرة الرابعة في تاريخها (بعد عضويتها سنوات 1968-1969 / 1988-1989 / 2004-2005) تسعى الجزائر من خلال ترشحها للفترة 2024 - 2025، الذي يعد فرصة متجددة، للاعتماد على هذا الموروث، لإعادة تأكيد مبادئها وتبادل رؤيتها فيما يتعلق بالمسائل المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن.

 

تتطلب قضايا الأمن والتعاون في جميع مناطق العالم ، أكثر من أي وقت مضى ، عملا دوليا متماسكا ومنسقا، يكون الهدف الأساسي منه إقامة سلام دولي دائم. وفي هذا السياق فإن دور مجلس الأمن، باعتباره المسؤول عن صون السلم والأمن الدوليين بموجب ميثاق الأمم المتحدة، يجب أن يكون حاسما.

 

ومن هذا المنطلق، تعتزم الجزائر المساهمة في عمل مجلس الأمن، ولا سيما فيما يتعلق بالأولويات التالية:

 

 

1-  تعزيز السلم والأمن الدوليين

 

سيضيف انضمام الجزائر إلى مجلس الأمن، من خلال دورها المحوري في منطقتها، قيمة مضافة لعمل هذه الهيئة، ولا سيما من خلال تبادل وجهات النظر حول التحديات التي تشهد تطورا عميقا و التي تواجه جوارها المباشر ومنطقة الساحل والقارة الأفريقية، وتعزيز المناهج المنسقة والمتكاملة لضمان مشاركة دول المنطقة.

 

وتجدر الإشارة، للأسف، إلى أن الصراعات في القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط لا تزال تهيمن على جدول أعمال مجلس الأمن، بينما تتزايد المطالب لتحقيق نتائج ملموسة في صالح استعادة السلم والأمن.

 

وفي هذا السياق، تتعهد الجزائر بالاستناد إلى مميزاتها الجغرافية والإستراتيجية والدبلوماسية لتقاسم رؤيتها حول جميع القضايا التي يتم بحثها داخل المجلس، وستولي اهتماما خاصا بالوضع المقلق في منطقة الساحل التي تعاني من تحديات متعددة الأوجه وطويلة الأمد،  وأيضا إلى متطلبات التحول الديمقراطي وبناء سيادة القانون وتحسين الحكامة و بناء التنمية الاقتصادية والتصدي للتحديات البيئية. وبالمثل، ونظرا لأهمية إرساء منطقة عربية آمنة ومزدهرة، فإن الجزائر ستبذل قصارى جهدها للمساهمة في البحث عن حلول سياسية ودائمة للأزمات التي يعاني منها العالم العربي.

 

تلتزم الجزائر التزاما كاملا بالنهج الإفريقي لجعل إفريقيا قارة آمنة، تتوجه نحو أهداف تنميتها و وحدتها، ولجعلها قوية بقيمها الخاصة بها وطرف معني بجميع التطورات التي تشكل مستقبل البشرية. في هذا الاطار، تجدر الاشارة أن تطبيق مبدأ "الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية" والإرادة المعلنة للقارة لإسكات الأسلحة، قد مكن من تسوية العديد من الأزمات والصراعات.

 

إن بلدنا ملتزم بشدة بالمساهمة في الإجراءات التالية:

  •  الإسهام في جهود مجلس الأمن الجارية لصون السلم وحل الأزمات والصراعات عن طريق تعزيز الحوار السياسي.
  • الدعوة إلى إنشاء آليات مبتكرة ومناسبة لحل النزاعات بالوسائل السلمية.
  • تعزيز دور الفاعلين الإقليميين في تسوية النزاعات وتشجيع المعالجة الشفافة والمتضافرة لإجراءات مجلس الأمن بشأن القضايا المدرجة على جدول أعماله.

 

2- محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود

 

إن المشاركة الفعالة للجزائر في مختلف الآليات الدولية والإقليمية لمكافحة الإرهاب، على غرار المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب (GCTF)، والتي تعد الجزائر من أعضائه المؤسسين، تؤكد، وبشتى الطرق، التزامها الراسخ بالمشاركة في الجهود المتعددة الأطراف وتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب.

 

ومن هذا المنطلق، تعمل الجزائر على تعزيز تعاونها مع آليات ولجان الأمم المتحدة المتخصصة في مكافحة الإرهاب وتواصل دعم استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب.

 

إن رغبة الجزائر في مواصلة تبادل خبرتها القوية المعترف بها في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف ستكون جزءًا لا يتجزأ من عملها داخل مجلس الأمن، بهدف الإسهام في الجهود المبذولة في هذا المجال وتعزيز التعاون والتنسيق في هذا الإطار.

 

بالنسبة للجزائر، فإنه لا يمكن أن تنجح مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة إلا من خلال نهج شامل ومتكامل يعالج الأسباب الجذرية، بما في ذلك عدم المساواة والفقر والجهل.

 

وفي ذات السياق، فإن مجلس الأمن مدعو إلى زيادة تعزيز هذا النهج لمكافحة الإرهاب العالمي بكافة أشكاله ومظاهره مكافحة فعالة.

 

ويبقى من الضروري للجزائر أن تكافح بجدية ضد تمويل الإرهاب، وبصرامة أكبر، لا سيما من خلال مكافحة عمليات الاختطاف من أجل الفدية، التي لا تعد ظاهرة توفر تمويلًا إضافيًا للجماعات الإرهابية فحسب، بل تضعف أيضًا الجهود الجماعية ضد هذه الآفة.

 

في هذا الفصل الهام ، ستحرص الجزائر على تنفيذ الإجراءات التالية:

 

  • العمل من أجل نهج أكثر شمولية لمجلس الأمن في مكافحة الإرهاب،
  • محاربة تمويل الإرهاب لا سيما من خلال مكافحة عمليات الاختطاف مقابل فدية التي تطالب بها الجماعات الإرهابية مقابل الإفراج عن الرهائن أو الحصول على تنازلات سياسية،
  • الدعوة إلى تعزيز قدرات الدول في مكافحة هذه الآفة وتعزيز دور منظومة الأمم المتحدة في هذا المجال.

 

3- تعزيز التعددية وتقوية الشراكات

 

يظل تعزيز الدبلوماسية المتعددة الاطراف والتعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية إحدى أولويات العمل الدبلوماسي الجزائري داخل الأمم المتحدة.  إن منع و الوقاية من النزاعات والحفاظ على السلم، من شأنه أن يؤدي إلى تسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة من خلال تنفيذ خطة الأمم المتحدة 2030 وأجندة الاتحاد الأفريقي 2063.

 

إن تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية و الجهوية، وفقا للفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، يعد أحد الأهداف الرئيسية بالنسبة للجزائر في منظومة الأمم المتحدة. فبالإضافة إلى منع النزاعات وحفظ السلم، فإن هذه الشراكات ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة.

 

تدعو الجزائر إلى تعزيز الشراكة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة من أجل مستقبل أفضل لأفريقيا وللإنسانية ككل. واسهاما منها في تعزيز تعاون أكبر وأفضل بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، بادرت الجزائر باستضافة، ومنذ سنة 2013 في وهران، جلسات رفيعة المستوى لندوة السلام والأمن (مسار وهران).

 

كما يوفر الإطار المشترك الموقع بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في أبريل 2017 آليات لحل التحديات المطروحة، مثل تبادل المعلومات وتقاسم أنظمة الإنذار المبكر والمساعي الحميدة والوساطة والزيارات الميدانية المشتركة، ومع ذلك لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به في هذا المجال.

 

وفي هذا السياق، ترى الجزائر أن تعزيز هيكلية الاتحاد الأفريقي في مجال منع الأزمات والنزاعات وإدارتها في أفريقيا، على غرار تنفيذ هيكل السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، تعتبر تعهدات يجب أن تحظى بالأهمية التي تتطلبها لا سيما من خلال تعزيز التعاون بين مجلس الأمن ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي.

 

وفي الوقت نفسه، ستساهم الجزائر في تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية  خاصة ما تعلق منه بقضايا السلم والأمن التي تواجه العالم العربي.

 

وعليه، سيكون لزاما اشتمال التعاون المعزز على كل من الوساطة والدبلوماسية الوقائية وحفظ السلام وبناءه، كما يجب أن يستند على ثلاثة مبادئ رئيسية: التعاون الشامل والهادف، منهجية ذات سياق مشترك وآليات التشاور الفعالة.

 

خلال فترة عضويتها للمجلس، ستعمل الجزائر على المساهمة في تحقيق الآتي:

 

  • مراعاة أولويات جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي بشأن مختلف القضايا المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن،
  • إبراز الحاجة إلى تضافر عمل مجلس الأمن مع المنظمات الإقليمية على أساس الخبرة العريقة لهذه الأخيرة فيما يتعلق بالدبلوماسية الوقائية و خبرة العمل على أرض الواقع،
  • تعزيز استراتيجية الاتحاد الأفريقي "إسكات الأسلحة في أفريقيا".

 

4المرأة والشباب والسلم والأمن

 

إن المساهمة الإيجابية للشباب والنساء في السلم والأمن أمر بالغ الأهمية ومشاركتهم الكاملة والفعالة والهادفة في صنع القرار، فيما يتعلق بالسلم والأمن وعلى جميع المستويات، تتحلى بالأهمية القصوى.

 

إن الجزائر ملتزمة بتعزيز تمكين المرأة وإشراك الشباب وستدافع عن تقويتها في إطار جدول أعمال مجلس الأمن.

 

جميع الحقوق محفوظة - وزارة الشؤون الخارجية و الجالية الوطنية بالخارج - 2023